عادل حدجامي: جائزة الشيخ زايد للكتاب منارة لامعة في سماء عالمنا المعاصر
أبوظبي،
ضمن برنامجها الثقافي على هامش معرض أبوظبي الدولي للكتاب 23، استضافت جائزة الشيخ زايد للكتاب في (مجلس الحوار) صباح أمس الأحد الموافق 28 إبريل 2013 الفائز بفرع المؤلِّف الشاب - الأطروحات الجامعية لهذا العام الدكتور عادل حدجامي (المملكة المغربية) للحديث عن تجربته في تأليف كتابه الفائز (فلسفة جيل دولوز في الوجود والاختلاف).
قدم للضيف الأستاذ الدكتور محمد بنيس، عضو (الهيئة العلمية) في الجائزة الذي استعرض السيرة العلمية والمهنية للدكتور حدجامي الذي ولد في المملكة المغربية عام 1976، ودرس الفلسفة في (جامعة محمد الخامس) بالعاصمة المغربية الرباط، وتخرَّج منها عام 1999، وانصرف إلى الدراسة في الجامعة ذاتها ليتحصَّل على دبلوم الدراسات العليا المعمَّقة عام 2001، ومن ثم تحصل على دبلوم المدرسة العليا للأساتذة في مكناس، وفي عام 2010 حصل على درجة الدكتوراه من (كلية الآداب والعلوم الإنسانية - جامعة محمد الخامس)، ويعمل حالياً في الكلية ذاتها كأستاذ محاضر. وكتابه (جيل دولوز عن الوجود والاختلاف) هو أطروحة جامعية تحصَّل من خلالها على شهادة الدكتوراه، ورشحها لجائزة الشيخ زايد للكتاب - فرع المؤلِّف الشاب - الأطروحات الجامعية.
وفي بداية حديثه عرَّف الدكتور حدجامي بالفيلسوف الفرنسي جيل دولوز من خلال محورين؛ أولهما إنساني يتعلق بتجربة دولوز في الحياة كإنسان، وثانيهما يتعلَّق بالمجال المعرفي الذي اشتغل فيه دولوز، واهتماماته الأسئلة الفلسفية الكبرى، وخصوصيات اشتغالاته قياساً إلى الإطار الفكري الذي تشكَّلت ضمنه ألا وهو نهاية القرن العشرين في أوروبا بوصفها قارة.
وتطرق حدجامي إلى علاقته القرائية بهذا المفكر وبفكره، وبالمراحل التي مرّت بها هذه العلاقة، وأشار إلى الأسباب التي دفعته إلى اختيار هذا الموضوع دون غيره، والغايات التي كان يتغيّاها من ورائه، وقال في هذا الصدد: "إنها غايات يمتزج فيها الذاتي بالموضوعي"، فبالنسبة لما هو ذاتي تطرق إلى علاقته بالمتن الفلسفي الدولوزي التي تعود إلى سنوات سابقة، والقراءات المتتالية لمؤلفاته، وللدراسات الفرنسية والأوروبية والغربية الأخرى التي تناولت فكره وفلسته في الوجود والاختلاف وغيرها من مفاصل خطابه الفلسفي، تلك القراءات التي تواشجت نتائجها في كتابه عن دولوز.
أما الجانب الموضوعي فيتمثَّل بما أكَّد عليه حدجامي من "فائدة جمَّة تعود على القارئ العربي عندما يقرأ كتاباً بهذا التحليل العميق والشامل لفلسفة جيل دولوز، خصوصاً وأن المكتبة العربية تفتقر إلى كتاب جامع يتناول فلسفة هذا الفيلسوف في الوجود والاختلاف".
وفي معرض سؤال عن المنهج الذي اتبعه في كتابه، أكَّد حدجامي أنه المنهج التحليلي المقارن الذي تابع فيه مسائل وقضايا فكر دولوز في الوجود والاختلاف من خلال اللجوء إلى أغلب مؤلَّفاته المنشورة مستعينا بجملة من الدراسات التي صدرت باللغة الفرنسية تلك التي تناولت وجوه فلسفته، ناهيك عن التركيز في المتن الدولوزي نفسه باعتباره المصدر النهائي لفكره، والفيصل في فلسفته.
وألقى حدجامي الأضواء على مضمون كتابه من خلال استعرض القضايا الأساسية التي تناولها، ولما كان دولوز مولعاً بصناعة المفاهيم بعد معاينتها وجعلها مفاتيح رائقة لفكره وفلسفته، فإن الدكتور حدجامي أدام متابعتها وتحليلها وبيان أثرها في بناء دولوز لفكره الفلسفي. وقال حدجامي موضحاً: "لقد ركَّزت في تحليلي وقراءتي وبحثي في كتابي (جيل دولوز عن الوجود والاختلاف) على مفاهيم مركزية في فلسفة الرجل مثل: الهوية، والاختلاف، والتاريخ، والعقل، والوعي، للكشف عن عنصر الجدّة و الأصالة التي أضافها دولوز - موضوع البحث - في كل واحدة منها قياساً إلى ما كان سائداً في الثقافة الفلسفية الحديثة".
ولما كانت المكتبة العربية تفتقر إلى كتاب يحيط بفلسفة جيل دولوز، فإن حدجامي تحدث عن الصعوبات التي واجهته في ترجمته وتعريبه للمصطلح الدولوزي ما دعاه إلى بناء ونحت مصطلحات عدَّة باللغة العربية تصل إلى روح المعنى الذي كان دولوز يقصده في بعض مصطلحاته من دون التفريط بروح المفردة العربية ومبناها، وقال في هذا الصدد: "إن السؤال الناظم الذي حكمه وكان دائماً حاضراً في ذهن مؤلِّفه هو: كيف نؤلِّفُ كتاباً في واحدة من أكثر الاتجاهات الفكرية المعاصرة جدَّة وتعقُّداً باللغة العربية مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات هذه اللغة الاشتقاقية والأسلوبية والجمالية؟".
وعن الظرفية التي أخذ فيها الكتاب طرقه إلى جائزة الشيخ زايد للكتاب، أكد الدكتور حدجامي قائلاً: "إن كتاب فلسفة جيل دولوز في الوجود والاختلاف هو في الأصل أطروحة جامعية تحصَّلت من خلالها على شهادة الدكتوراه بإشراف الأستاذ الدكتور (محمد سبيلا)، وعندما دفعته للنشر في دار توبقال بالدار البيضاء صادفَ وأن أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب عن تلقيها الأطروحات الجامعية المنشورة في كتاب ضمن فرع المؤلِّف الشاب، فكانت الفرصة متاحة، بل تاريخية، أمامي لكي أتقدَّم به إلى هذا الفرع حتى أخذ طريقه إلى القائمة الطويلة فالقصيرة، ومن ثم فوزه بهذا الفرع".
أما رؤيته في جائزة الشيخ زايد للكتاب فقال حدجامي: "منذ إطلاقها في عام 2006 وأنا أتابع أشغالها سنة تلو أخرى، وألاحظ هذا الاهتمام الحقيقي في تشجيع وتقدير العلماء والمفكرين والباحثين وأساتذة الجامعات والمبدعين في كل مكان، وإذا كان هذا يدل على شيء فإنه يدل أيضاً على أصالة هذه الجائزة، وكيف لا وهي تحمل اسم الرمز العربي الكبير الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله؟ فتراني، وفي هذه المناسبة المشرقة في حياتي، أشكر دولة الإمارات العربية المتحدة، قيادة وشعباً، وأشكر لجنة القراءة والفرز، ولجان التحكيم، والهيئة العلمية، ومجلس أمناء الجائزة، رئيساً وأعضاء، على هذا التكريم الرائع، وفي النهاية تبقى جائزة الشيخ زايد للكتاب منارة لامعة في سماء عالمنا المعاصر".